الأربعاء، 19 فبراير 2025

شتات المتلقي ودهاء المُرْسِل د. وَائِلْ اَلْقَيْسِي يتعرض المتلقي العربي (المُسْتَقْبِل) من الإعلام (المُرسِل) في شتى ارجاء المعمورة بالسنوات الأخيرة خصوصا، لحرب إعلامية نووية اذا جاز التوصيف ، بل وربما أخطر من الضربات النووية والأسلحة غير التقليدية . إن الحرب النووية تستهدف بالعادة الأرواح والبناء المادي من بنى تحتية. "عمارات، منازل ، مشاريع مياه وكهرباء ، زراعة، وصناعة... الخ" ، وكل هذه يقوم الإنسان ببنائها وصنعها . اما الإعلام ، من المؤكد انه اشد فتكا ودمارا حتى من القتل ، كونه يستهدف الفكر والعقل ودماغ الإنسان والسيطرة على حواسه العصبية والفكرية والنفسية، ويخضع باللاوعي إلى تحولات عقدية وفكرية واخلاقية { وإن كانت بنسب متفاوتة } بما يتوافق واهداف وسياسات الجهات التي تهيمن على الإعلام بكل وسائله وادواته ، خدمة لمصالحها واهدافها . كانت أقوى الصدمات المروعة التي خلخلت الكيان العربي كله هي كارثة الغزو الأميركي والاحتلال الايراني للعراق بعد عام 2003 ،حيث سبقته وتخللته حرب إعلامية شديدة ومدمرة لكن وقعها على المتلقي كان أقل تأثيرا مما تلاها بعد احتلال وتدمير وانهيار العراق ك (دولة وحكومة) ، ثم تلاحقت النكسات كما حصل لليبيا والسودان واليمن وسوريا ولبنان . كانت الماكنة الاعلامية ، سواء الإعلام الغربي الموجه او الإعلام العربي والاقليمي المتخادم معه ، كلها كانت تطحن المتلقي العربي طحنا ، وتعمل على تحطيم خطوطه الدفاعية من عقيدة دينية وقومية ووطنية واخلاقية بشكل تدريجي ومتصاعد ، وتسعى لإشاعة بدائل لا تؤمن بكل هذه العقائد والقيم الأخلاقية المتوارثة ، هدفها ترويض المتلقي العربي لتقبلها والاستسلام لها من خلال فوضى الأخبار وكثرتها ، واغراقه بوسائل وموجات إعلامية وقنوات فضائية ووسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت ، بحيث تجعله لا يستطيع التمييز بين الحقيقية والزائف منها ، ناهيك عن الإستعانة بما يسمى الذباب إلكتروني والمحللين المؤدلجين او الأبواق والمطبلين الجهلة ليجعلوا المتلقي العربي (المستقبل) في ضياع وشتات فكري وغير قادر على اتخاذ قرار صائب مما يؤدي به إلى فقدان اتجاه البوصلة ، ناهيك عن وسائل البطش والترهيب وكتم الأصوات الحرة وعدم السماح لها بالظهور على شاشات التلفزة وحجب او تقييد حساباتهم على اغلب وسائط الإنترنت . وقد كانت ماسميت بعملية طوفان الأقصى ومشاغبات حزب الله المصطنعة في جنوب لبنان بحجة دعم غزة وأضحوكة وحدة الساحات التي تبنتها إيران من خلال اذرعها وادواتها المنتشرة في العراق وسوريا قبل هروب بشار الأسد ولبنان واليمن ، كل هذه شكلت اطارا لحرب إعلامية نووية ضد الجمهور العربي الذي بقي مشتتا وغير قادر على اتخاذ موقف حكيم وصائب يصب في مصلحة قضيته العربية والوطنية . إن أخطر لعبة وقع في براثنها المتلقي العربي هي لعبة الصراع المزعوم بين عدوين من اعدائه سواء اكانت إيران او إسرائيل بالرغم من انهما حلفاء تأريخيين على المستوى الاستراتيجي واعداء في الجانب التكتيكي ، مما جعله ينقسم على نفسه بين ميّال ومؤيد لهذا الطرف ومعادٍ بتطرف للطرف الآخر . مايهمنا في هذا المقال ليس الجانب السياسي بل الجانب الإعلامي ، فقد صار المتلقي العربي للأخبار عبارة عن كرة تتقاذفها الحملات الإعلامية الممنهجة من خلال موجات إعلامية واخبارية موجهة تعمل وبشكل متقن على بث مئات الملايين من الكلمات في الدقيقة الواحدة ، واغلبها مبهم وغامض ومتناقض وبنهايات مفتوحة تقبل كل الاحتمالات ( على قاعدة كل شيء وارد) . وهكذا بقي المتلقي العربي يدور في دوامة فقدان الثقة بما يصله من أخبار عبر وسائل الإعلام بكل أشكالها، ومما يزيد الطين بلّة هو عدم وجود مصادر رسمية موثوقة يلجأ إليها ، وصار كل واحد يلجأ إلى الأخبار التي تصدر عن القنوات والمواقع التي تتناغم وامانيه ورغباته حتى لو كانت غير صحيحة ولا تتسم بالمصداقية.

 شتات المتلقي ودهاء المُرْسِل


د. وَائِلْ اَلْقَيْسِي


يتعرض المتلقي العربي (المُسْتَقْبِل) من الإعلام (المُرسِل) في شتى ارجاء المعمورة بالسنوات الأخيرة خصوصا، لحرب إعلامية نووية اذا جاز التوصيف ، بل وربما أخطر من الضربات النووية والأسلحة غير التقليدية .

إن الحرب النووية تستهدف بالعادة الأرواح والبناء المادي من بنى تحتية. "عمارات، منازل ، مشاريع مياه وكهرباء ، زراعة، وصناعة... الخ" ، وكل هذه يقوم الإنسان ببنائها وصنعها .

اما الإعلام ، من المؤكد انه اشد فتكا ودمارا حتى من القتل ، كونه يستهدف الفكر والعقل ودماغ الإنسان والسيطرة على حواسه العصبية والفكرية والنفسية، ويخضع باللاوعي إلى تحولات عقدية وفكرية واخلاقية { وإن كانت بنسب متفاوتة } بما يتوافق واهداف وسياسات الجهات التي تهيمن على الإعلام بكل وسائله وادواته ، خدمة لمصالحها واهدافها .


كانت أقوى الصدمات المروعة التي خلخلت الكيان العربي كله هي كارثة الغزو الأميركي والاحتلال الايراني للعراق بعد عام 2003 ،حيث سبقته وتخللته حرب إعلامية شديدة ومدمرة لكن وقعها على المتلقي كان أقل تأثيرا مما تلاها بعد احتلال وتدمير وانهيار العراق ك (دولة وحكومة) ، ثم تلاحقت النكسات كما حصل لليبيا والسودان واليمن وسوريا ولبنان .

كانت الماكنة الاعلامية ، سواء الإعلام الغربي الموجه او الإعلام العربي والاقليمي المتخادم معه ، كلها كانت تطحن المتلقي العربي طحنا ، وتعمل على تحطيم خطوطه الدفاعية من عقيدة دينية وقومية ووطنية واخلاقية بشكل تدريجي ومتصاعد ، وتسعى لإشاعة بدائل لا تؤمن بكل هذه العقائد والقيم الأخلاقية المتوارثة ، هدفها ترويض المتلقي العربي لتقبلها والاستسلام لها من خلال فوضى الأخبار وكثرتها ، واغراقه بوسائل وموجات إعلامية وقنوات فضائية ووسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت ، بحيث تجعله لا يستطيع التمييز بين الحقيقية والزائف منها ، ناهيك عن الإستعانة بما يسمى الذباب إلكتروني والمحللين المؤدلجين او الأبواق والمطبلين الجهلة ليجعلوا المتلقي العربي (المستقبل) في ضياع وشتات فكري وغير قادر على اتخاذ قرار صائب مما يؤدي به إلى فقدان اتجاه البوصلة ، ناهيك عن وسائل البطش والترهيب وكتم الأصوات الحرة وعدم السماح لها بالظهور على شاشات التلفزة وحجب او تقييد حساباتهم على اغلب وسائط الإنترنت .

وقد كانت ماسميت بعملية طوفان الأقصى ومشاغبات حزب الله المصطنعة في جنوب لبنان بحجة دعم غزة وأضحوكة وحدة الساحات التي تبنتها إيران من خلال اذرعها وادواتها المنتشرة في العراق وسوريا قبل هروب بشار الأسد ولبنان واليمن ، كل هذه شكلت اطارا لحرب إعلامية نووية ضد الجمهور العربي الذي بقي مشتتا وغير قادر على اتخاذ موقف حكيم وصائب يصب في مصلحة قضيته العربية والوطنية .


إن أخطر لعبة وقع في براثنها المتلقي العربي هي لعبة الصراع المزعوم بين عدوين من اعدائه سواء اكانت إيران او إسرائيل  بالرغم من انهما حلفاء تأريخيين على المستوى الاستراتيجي واعداء في الجانب التكتيكي ، مما جعله ينقسم على نفسه بين ميّال ومؤيد لهذا الطرف ومعادٍ بتطرف للطرف الآخر .


مايهمنا في هذا المقال ليس الجانب السياسي بل الجانب الإعلامي ، فقد صار المتلقي العربي للأخبار عبارة عن كرة تتقاذفها الحملات الإعلامية الممنهجة من خلال موجات إعلامية واخبارية موجهة تعمل وبشكل متقن على بث مئات الملايين من الكلمات في الدقيقة الواحدة ، واغلبها مبهم وغامض ومتناقض وبنهايات مفتوحة تقبل كل الاحتمالات ( على قاعدة كل شيء وارد) .

وهكذا بقي المتلقي العربي يدور  في دوامة فقدان الثقة بما يصله من أخبار عبر وسائل الإعلام بكل أشكالها،

ومما يزيد الطين بلّة هو عدم وجود مصادر رسمية موثوقة يلجأ إليها ، وصار كل واحد يلجأ إلى الأخبار التي تصدر عن القنوات والمواقع التي تتناغم وامانيه ورغباته حتى لو كانت غير صحيحة ولا تتسم بالمصداقية.